ثقافة

فكرية أحمد تقدم وثيقة مهمة للشباب عن القضية الفلسطينية

قراءة - صلاح صيام :

 

خرافة حائط المبكى.. ورصد محاولات العدو المستمرة لطرد أصحاب الأرض

قصص حية تنبض بالحياة.. وصرخة في وجه المجتمع الدولي


محمد الشافعي: عمل روائي بديع على الهواء مباشرة

محمد الغيطي: أدعو لتدريسها في المناهج الدراسية

في تفاعل سريع منها مع أحداث غزة منذ وقوعها في السابع من أكتوبر الماضي , قررت الكاتبة الصحفية والأديبة فكرية أحمد أن تخرج لنا عملها الخامس عشر في ثلاثة أشهر فقط , حقا إنها مغامرة أو مقامرة – إن شئت الدقة- خاصة إذا كان العمل الأدبي مصنف من قبل الكاتبة على انه رواية؟!

كيف تكتب رواية مكتملة الأركان في هذا الزمن المستحيل, ولكن -مجبر أخاك لا بطل- فالزمن لا ينتظر أحد , وهي -على حد قولها- لم تغمض لها عين طوال وقوع المجازر البشعة , ولم تنعم بطعام أو شراب , وكانت لا تستحل المياه الساخنة وأهالي غزة يفتقدون المياه النظيفة أصلا ,عزمت أمرها على الكتابة, وبذلت جهدا جبارا في تجميع المعلومات , ورصد الأحداث ,بل واختيار الصور التي زيلت بها الرواية وهذه سابقة لم تحدث من قبل في أيه رواية , وكانت نقطة خلاف بينها وبين الناشر الذي رضخ أخير لرغبتها احتراما لهذا العمل الملحمة, والجهد الخارق الذي كان مداده الإيمان المطلق بقضية الأقصى وحق الشعب الفلسطيني في أرضه.

كشفت الكاتبة في روايتها حقيقة “حائط المبكى” وجاء ذلك على لسان شيخ فلسطيني يلتف حوله مجموعة من الصبية في المسجد,ويدور حوار مشترك ,يسأل الصبية ويجيب الشيخ بحقائق موثقة عن خرافة هذا الحائط ويتمتم بكلمات بعد تنهيدة عميقة” “آه يا أبناء فلسطين ,أولاد الملاعين يطمسون تاريخنا في الكتب ,لقد صاغوا كتب مدارسكم بصياغة بعيدة عن كل الأحداث التاريخية التي مرت بفلسطين , استغلوا ضبابية المرحلة السياسية وعدم وضوح الحدود الجغرافية ليمحو الحقائق, لقد أدخل الصهاينة تعديلا تعلى كتب التاريخ بمناهجكم ,حذفوا شعار السلطة الفلسطينية وأضافوا اسم إسرائيل مقرونا باسم فلسطين, ويستكمل الشيخ قصة حرب البراق ليخلص في النهاية إلى انتزاع كلمات رددها الصغار” نقاوم ونجاهد في سبيل الله والوطن “.

، وفي الرواية تغوص كعادتها بقلمها بكل جرأة داخل نسيج مجتمع الرواية لتسبر هذه المرة أغوار الجرح الفلسطيني بكل صدق، وتنبش تراب النكبة القديمة، وترصد بمنظار دقيق محاولة الاحتلال صناعة نكبة أخرى جديدة بحرب إبادة تواصل تنفيذها ضد المدنيين في غزة.

تعيش الأحداث الدامية لحظة بلحظة مع قلم فكرية التي لم يمنعها ضيق الوقت من السرد الشيق والقصص الإنسانية , والوصف الدقيق للحياة البائسة للشعب الفلسطيني , ولعل قصة الأسيرة “فريحه” مثالا صارخا على أعمال التعذيب الوحشي الذي يلاقيه الأسرى والأسيرات داخل سجون المحتل فالحارسات تانهال عليها ركلاً، ويقمن بـ”شبحها” على مقعد من الحديد، ويقيدن يديها وقدميها في أطراف المقعد لقتل الجنين، ويبصق عليها الطبيب الإسرائيلي و يدفع إبرة حادة داخل أحشائها وهو يصرخ: اخرجي طفلك الإرهابي من أحشائك أيها الإرهابية.

وهذه المراهقة ندى تطلق صرخاتها فلا ينقذها أحد، والجندي الصهيوني ذو الرائحة النتنة يمزق ملابسها، يعري جسدها، ويعاونه أخر في اغتصابها بوحشية داخل المعسكر سري، وإذا بالمحكمة الإسرائيلية تغلق ملف البلاغ وتقول أن المغتصب مجهول؟

وهذا “جهاد” ابن السنوات الخمس يتشبث بصدر أمه، بينما النيران التي أشعلها المستوطنون تلتهم دارهم، تشوه جسد والده، وتقضى على أمه ، و تترك ندبة على وجهه لا تمحيها الأيام.

و تختصر الرواية الواقع الذي يبحث عن مستقبل، وكأنها تنتظر أن يتم تحرير فلسطين وإنقاذ الأقصى، وتطهير حائط البراق من بكائيات اليهود ليتم إغلاق فصول الرواية بمشهد بطل الرواية خالد الزينى يحمل طفلاً مصاباً هو الناجي الوحيد من عائلة “الجوراني” في حي الزيتون وقد بترت ذراعه، يجري خالد بالطفل بحثاً عن مكان أمن في غزه ليداوي به جرح الصغير على أمل أن يشفى ويفي بوعده له فيدربه على حمل السلاح والانتقام لعائلته التي قتلها الاحتلال، ولكنه يواصل الجري حاملاً الطفل بجرحه النازف بحثا عن الملاذ، حيث لا مكان آمن، ولا مجال للعلاج، وتنتهي الرواية وهو لا يزال.

قالوا عن الرواية:

قال السيناريست محمد الغيطي إن رواية حائط بلا مبكي للكاتبة فكرية أحمد عمل وثائقي خطير، وأؤكد بإنصاف أن فكرية أحمد أخر عنقود السلسال الذهبي في التوثيق الأدبي، وإذا وجد إنصاف أدبي على الساحة لتم وضع هذه الرواية ضمن مناهج التعليم للطلاب في المدارس لأهميتها، لأنها توثق تاريخ فلسطين بدقة وموضوعية في شكل أدبي متميز، وبها جهد خرافي يضعها في مصاف الكتب الوثائقية الهامة،

ويضيف ” الغيطي” كنت أعتقد أن الكاتبة فكرية احمد استعانت بفريق من الباحثين لمساعدتها في إعداد ما تضمنته الرواية من معلومات وثائقية وبحثية تاريخية مكثفة، ولكن فوجئت أنها فعلت كل هذا العمل والبحث بمفردها خلال ثلاثة أشهر فقط، وهو أمر فريد فقد كتبت الرواية تحت القصف وتحت الضغط النفسي في وقت قياسي وهذا عمل بطولي.

وأضاف “الغيطى”، لقد كافحت الكاتبة كفاحاً مريراً كي تخرج الرواية بهذه الصورة في عمل توثيقي بالدرجة الأولى، رغم أنها تحمل بين طياتها قصص حب فلسطينية أكثر من رائعة.

وأوضح “الغيطي” أن الكاتبة فكرية أحمد ، لديها براعة الاستهلال في الحدث الدرامي يجذب القارئ بشدة، حتى وإن مالت الرواية إلي التقرير الصحفي الجميل بنكهة أدبية رائعة، فهذا لا يعيبها أبداً، بل هناك مدارس عديدة ترسخ هذا النهج من الكتابة.

من جانبه قال الكاتب والمؤرخ محمد الشافعي: إنني أرى الكاتبة فكرية أحمد وقد وضعت نفسها على الهواء مباشرة بكتابتها عن حرب 7 أكتوبر الغاشمة والتي لا تزل أحداثها جار ية، وضفرت الأدب بالتاريخ وإن غلبت عليه اللغة الصحفية، لكن هذا لا يعيب الرواية مطلقاً .

وأضاف الشافعي، انه كمهتم بالقضية الفلسطينية التي هي شغله الشاغل، فقد استفدت شخصياً مما ورد في الرواية من تواريخ وشخصيات.

فقد ورد بالرواية أول شهيدة وأول فدائي وهكذا، وهو تأريخ مهم للنضال الفلسطيني، وإذا قلت أنها تفوقت على أنا شخصياً في توثيق وتأريخ الأحداث في فلسطين بدءاً من موجهات الهجرات اليهودية الخمس وحتى هذه الحرب الوحشية الدائرة في غزه، فهذا اعتراف مني وهذا حقها، العمل به جهد رائع وكبير، لأني شخصياً استفدت كثيراً من المعلومات التاريخية التي وردت في الرواية،وأكاد أُجزم بأن هذا الجهد الخرافي التي قامت به فكرية للخروج بهذا العمل يستحق كل التقدير والاحترام.

وقال الكاتب أسامة إبراهيم انه يعتبر فكرية أحمد واحدة من أهم المبدعين في هذا الوقت، ولكنها لم تحصل بعد على ما تستحقه من اهتمام أدبي ونقدي، وهي كاتبة جادة، وكل أعمالها الأدبية هادفة، وهذا هو العمل الروائي الخامس عشر بالنسبة لها.

أشار إلى أن الكاتبة لها نجاحات وصولات وجولات في عالم الصحافة، وهو ما منحها الثقل في التمكن من قلمها وأدواتها الأدبية، وأنه شخصياً يستمتع وهو يقرأ أي عمل أدبي للكاتبة، ويتمنى أن تحصل على ما تستحقه، لأنها كاتبة متميزة مقارنة بالكثير ممن هم على الساحة وتم تسليط الأضواء عليهم.

واستعرضت الروائية فكرية أحمد، فى كلمتها التجربة الأبدية التى عاشتها وكأنها فى أحد الختادق الفلسطينية ، وإنها منذ اللحظة الأولى للحرب الغاشمة على غزة وقد أصيبت بحالة نفسية سيئة، وظلت تنشر أخباراً وصوراً وفيديوهات تلك المذابح، وفوجئت بمواقع التواصل وعلى رأسها فيس بوك تقوم بحذف كل ما تنشره وتعاقبها بالقيود على النشر بزعم أن صور تلك المذابح تسيء لمشاعر المجتمع، وهو ما أصابها بالدهشة والتساؤل، هل نشر المذابح يسيء لمشاعر المجتمع الدولي، وتنفيذ المذابح نفسه لا يسيء لضمير وعدالة المجتمع الدولي الذي يكيل بمكيالين مع الحق الفلسطيني الواضح وضوح الشمس؟!.

وتتابع فكرية أحمد بقولها ومن هنا ادركت أن كل توثيق إلكتروني حول وحشية الاحتلال سيتم حذفه وحجبه، وتأكد لها هذا عندما كانت تبحث عن معلومات حول ممارسات الاحتلال مع الأسرى الفلسطينيين وغيرها من عشرات التجاوزات اللا إنسانية ضد أصحاب الحق والأرض الفلسطينيين، ولم تجد أثراً لهذه المعلومات، فقد تم حجب الصفحات كاملة.

واوضحت ، من هنا قررت الاعتكاف وكتابة تلك الرواية الوثائقية لتوثق تاريخ فلسطين وتاريخ الاحتلال وكل المذابح التي تم ارتكابها في حق فلسطين واختارت اسم حائط بلا مبكى لتقدم بشارة إلى شعب فلسطين بان تحرير حائط البراق سيتم أن أجلاً أو عاجلا من بكائيات اليهود وسيعود حائط بلا مبكي وسيتم تطهير القدس وكل الرموز الدينية في فلسطين من الصهاينة.

وتستطرد الكاتبة: الكتاب وثائقي، وبه فصل كامل للصور لمعظم الأحداث وأعمال الإبادة التي ينفذها الاحتلال، فإذا كانت آلة الإعلام الصهيونية ستحذف الصور والأحداث من ماكينات البحث الإلكتروني، سيجدها الأجيال في هذه الرواية وفي مثيلاتها من الروايات الوثائقية، خاصة أن سلطات الاحتلال عمدت إلى حذف معلومات هائلة حول تاريخ فلسطين وتاريخ الاحتلال اليهودي الصهيوني والمقاومة الفلسطينية وذلك من المناهج الدراسية للطلاب في المناطق الواقعة تحت الاحتلال، وهو تعمد لتشويه الهوية، وحتى تنشأ أجيال لا تعرف شيئاً عن حقيقة الاحتلال وحقيقة أن فلسطين عربية وارض خالصة لأصحابها.

وأكدت فكرية احمد أنها تعمدت ترك النهايات مفتوحة لأن كل الحكايات كذلك في فلسطين مفتوحة وبلا نهايات إلا نهاية الموت التي اعتاد عليها شعب فلسطين.

الرواية صادرة عن دار النخبة العربية للنشر والطباعة برئاسة أسامة إبراهيم ، و جاءت في 300 صفحة من القطع المتوسط، وزيلت بفصل كامل لصور المذابح التي ترتكبها إسرائيل في حق أصحاب الأرض الفلسطينيين كتوثيق وشهادة للتاريخ الذي قامت إسرائيل بتشويهه وحذف حقائقه من المناهج الدراسية في فلسطين.

وكانت نقابة الصحفيين قد احتضنت مؤخرا ندوة ثرية لمناقشة الرواية وذلك عبر اللجنة الفنية والثقافية التي يشرف عليها وكيل مجلس النقابة محمود كامل، وكان قادة منصة النقاش محمد الغيطي الإعلامي والسيناريست الكبير والكاتب المؤرخ محمد الشافعي ، فيما أدار الحوار الكاتب أسامة إبراهيم رئيس مجلس إدارة النخبة العربية للنشر والتوزيع والصادر عنها الرواية، وشارك بالحضور خالد البلشي نقيب الصحيين، وحضرها نخبة من الكتاب والصحفيين وأساتذة الجامعة وبدأت الندوة بالوقوف دقيقة حدادا على أرواح الشهداء الفلسطينيين وتمجيداً للمجاهدين وللشعب الفلسطينى فى مقاومته للإحتلال الصهيونى الغاشم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

صلاح فضل

جاهدنا واجنهدنا لمواصلة مسيرتنا الصحفية عبر (بوابة الشريان) للعام الخامس على التوالي مع اقتراب حلول العام الجديد 2024 حرصا منا على تقديم خدمة صحفية ملتزمة بالدقة والموضوعية فيما طرحناه ونطرحه منذ بداية تحملنا تلك المسؤلية انطلاقتها في 2019 وهذا الالتزام جعلنا أصحاب رؤية صائبة في كل ما قدمناه من خبرات عالية من خلال استقطاب كبار الكتاب والصحفيين المتميزين ممن ساهموا وتعاونوا بحب وتفان دون اي مقابل مادي سوى الحب المتبادل فقط لاغير وهم لا يأ لون جهدا لاستكمال هذه المسيرة واسرة التحرير تقدر جهودهم الجبارة في بلاط صاحبة الجلالة فهنيئا للقراء الأعزاء والجديد في هذه النسخة اضافة (قناة الشريان) تضم حوارات ومنوعات وافراح وما يستجد من فيديوهات مختلفة ومبتكرة
زر الذهاب إلى الأعلى