كتب/صلا ح صيام:
يعد مثالا صريحا للوحدة العربية, فقد حصل على أربعة جنسيات عربية وحاز على أربع جوزات سفر بأسماء تلك الدول ,ولم يكن مجرد مطرب جاء من دولة عربية شقيقة ليصنع شهرته ونجوميته في مصر، ولكنه عشق ترابها , وتنفس هؤاؤها, فجرى حبها فى عروقه, ولذلك جاءت عبارته الشهيرة “لحم أكتافي من خيرك يامصر ” و وصيته الوحيدة ان يدفن في ترابها بجانب جثمان شقيقته أسمهان.
حصل فريد الاطرش (21 أبريل 1917 – 26 ديسمبر 1974)،على الجنسية المصرية بعد لجوئه مع عائلته لمصر عام 1923، وتلقى بها دراسته , وفي البداية كانت إقامته تجدد كأي أجنبي، وصدر القرار بتمتعه بالجنسية المصرية عام 1950 ، وقد فرح يوم حصوله عليها فرحتين, الأولى بحصوله عليها, والثانية بحصول صديق عمره الفنان عبد السلام النابلسي عليها أيضا في نفس اليوم ,
وكان يعامل معاملة خاصة ففي الستينات عندما كان السفر إلى الخارج يتطلب استخراج تصريح إداري تدخل الرئيس جمال عبد الناصر لإعفاء “الأطرش” من استخراج التصريح رغم أن الإجراء بقي ساريا في مواجهة فنانين مصريين أكثر إشعاعا منه, وكذلك فتح سعد باشا زغلول أبواب مصر لإستقبال عائلة الأطرش منذ أن بدأت ثورة الدروز ضد الاستعمار الفرنسى، وكانوا مطاردين، ومن بعدها سكن مع شقيقته أسمهان قلوب المصريين.
وقبل أكثر من نصف قرن وقع التليفزيون المصرى – الوليد آنذاك- إذ لم يكن قد أكمل بعد عامه العاشر، في مأزق وصار عليه الاختيار بين القمتين؟، هل ينقل حفل الربيع على الهواء الذي يحييه عبدالحليم؟، أم ينقل حفل فريد الأطرش؟،و لم تكن الإمكانيات المتاحة تسمح بنقل أكثر من حفل واحد فقط, والقرار ليس بيد وزير ولا حتى رئيس وزراء ,وانتظر الجميع الرئيس.
ورغم أن الواقع يؤكد أن كفه “عبد الحليم” هى الأرحج , فلم يغن أحدا لعبدالناصر والثورة مثله إلا أن ” عبدالناصر” الذى لم يكن فقط عاشقا لصوت فريد ولكنه أيضا كان مقدرا لدور مصر العربى، وكل عربى له في مصر نفس الحقوق، قرر نقل حفل فريد على الهواء، بينما يسجل حفل عبدالحليم ليعرض في اليوم التالى.
وقد اختزل “الأطرش” كل أشجانه تجاه مصر في أغنيتين خالدتين ” يامصر كنت في غربة وحيد” عندما حبسته ظروف الحرب العالمية الثانية في لندن ، ثم أغنية “سنة وسنتين” عندما عاد وغنى لمصر بعد غياب اضطراري لسنوات في لبنان ، وتظل هذة الأغنية أقوى أغانيه التي كتبها صديقه الشاعر مأمون الشناوي, وتقول كلماتها
سنة وسنتين سنة وسنتين وانت يا قلبي تقول انا فين
وتهت ودبت في اشواقي وشفت النيل وعرفت انا فين
في مصر يا عمري يا نور العين
ع الشطين انا شفت احبابي واخواتي واهلي واصحابي
وهواكي والنخل العالي ونجومها ف الليل بتللالي
بكيت من الفرح وطاب الجرح غني يا قلبى اتهني يا عين
في مصر يا عمري يا نور العين
وموقف وطنى آخر للأطرش, حين قامت ثورة يوليه 52 وفتح باب التبرعات لتسليح الجيش ذهب لمقابلة ” عبد الناصر” وأعطاه شيكا بعشرة آلاف جنيه وكان مبلغا كبيرا في حينها مساهمة منه فى هذا التسليح , وقدم لمصر فى مناسباتها الوطنية العديد من الألحان والأغنيات ,كما غنى للسد العالي أغنية جميلة جدا” يا أسطى سيّد” وغني لبور سعيد اغنية من ألحان مدحت عاصم كلمات احمد خميس.
وفى رائعته بساط الريح” للشاعر بيرم التونسي ” يتجلى حب “الأطرش” الجارف لمصر فبعدأن عبر فيها بصدق عن عشقه لتراب الوطن العربي , أكد فيها عشقه الاكبر لتراب مصر فبعد رحلة البساط الطويلة فى جميع الدول العربية يأمره بالعودة الى معشوقته ومحبوبته مصر
بساط الريح قوام يا جميل أنا مشتاق لوادي النيل
أنا لفيت كتيرولقيت البعد عليّ يا مصر طويل
ونتلقى فئ الحلقة القادمة