مقالات

ما أحوجنا إلى تعاليم المصطفى صلى الله عليه وسلم

ضرب أروع المثل فى قبول الآخر

بقلم – صلاح صيام 

فى عام 1998 صدرت الطبعة الأولى من كتاب «ماذا حدث للمصريين؟- تطور المجتمع المصرى فى نصف قرن 1945/1995» عن دار الهلال للدكتور جلال أمين، وأعادت مكتبة الأسرة نشره عام 1999، وتكررت طباعته لاحقا نظرا لنفاد طبعاته المتتالية, ورغم مرور سنوات طويله, ووفاة المؤلف ما زال السؤال مطروحا بل وبشكل أعمق, حيث أضيفت إلى مساوىء المجتمع المصرى أنماطا جديدة وأشكال متنوعة, فأصبحنا لا نستمع لرأى يخالف رأينا, ولا نحلم على غيرنا, ونتربص بمن سوانا.

نسينا أصلنا, وأهملنا تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم الذى علم البشرية معنى الإنسانية والتسامح وقبول الآخر, وكان أول من وضع قوانين التعايش مع الآخرين, وحرص على احترامها وأوصى أتباعه بذلك.

 

المصطفى قام واقفا لجنازة يهودى مرت عليه وهو جالس مع أصحابه , فأنكروا عليه فعلته, فرد ردا يتسق مع طبيعته ورقى أخلاقه قائلا” ألست نفسا”, فهو يتعامل مع النفس البشرية التى خلقها الله سبحانه وتعالى وكرمها وحفظ لها حقوقها,وحلم صلى الله عليه وسلم على حبر من أحبار اليهود اتهمه بعدم النزاهة, فقد جاء زيد بن سعنة إلى رسول اللَّه يطلبه ديناً لـه – لم يحن موعده – فأخذ بمجامع قميصه وردائه وجذبه، وأغلظ لـه القول، ونظر إلى النبي بوجه غليظ وقال: يا محمد، ألا تقضيني حقي، إنكم يا بني عبد المطلب قوم مُطْلٌ، وشدّد لـه في القول، فنظر إليه عمر وعنياه تدوران في رأسه كالفلك المستدير، ثم قال: يا عدو اللَّه، أتقول لرسول اللَّه ما أسمع، وتفعل ما أرى، فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر لومه لضربت بسيفي رأسك، ورسول اللَّه ينظر إلى عمر في سكون وتُؤَدَةٍ وتَبَسُّمٍ، ثم قال: (أنا وهو يا عمر كنا أحوج إلى غير هذا منك ، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التقاضي، اذهب به يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعاً من تمرٍ) ،وفى الطريق سأله عمر رضى الله عنه لما فعلت ذلك, فقال زيد : وجدت كل علامات النبوة فى وجه محمد إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً , والآن اكتلمت صفات النبوة أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, وشهد مع النبي مشاهده، واستشهد في غزوة تبوك مقبلاً غير مدبر.

وهذا درس بليغ لغلاة الدعاة الذين نغصوا على الناس حياتهم, فكل شيىء عنهم حرام إلى أن يثبت العكس!

وعن أبي أمامة قال: إن فتىً شاباً أتى النبي فقال: يا رسول اللَّه، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا لـه: مه مه! فقال لـه: ادن منى ثم قال له برفق (أترضاه لأمك؟) قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداءك، قال: (وكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم), (أفتحبه لابنتك؟) قال: لا واللَّه يا رسول اللَّه، جعلني اللَّه فداءك. قال: (وكذلك الناس لا يحبونه لبناتهم). قال: (أفتحبه لأختك؟) قال: لا واللَّه جعلني اللَّه فداءك. قال: (وكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم), قال: (أفتحبه لعمتك؟) قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداءك, قال: (وكذلك الناس لا يحبونه لعماتهم) قال: (أفتحبه لخالتك؟) قال: لا واللَّه جعلني اللَّه فداءك, قال: (وكذلك الناس لا يحبونه لخالاتهم), ثم وضع يده صلى الله عليه وسلم على صدره ودعا له قائلا : (اللَّهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه) ، فخرج الشاب والزنا أبعد ما يكون عن ذهنه.

وكما بيّن لنا الرسول الرفق بفعله بينه لنا بقوله، وأمرنا بالرفق في الأمر كله.. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رهط من اليهود على رسول اللَّه فقالوا: السامُ عليكم. قالت عائشة: ففهمتها فقلت: وعليكم السامُ واللعنة. قالت: فقال رسول اللَّه : ((مهلاً يا عائشة إن اللَّه يحب الرفق في الأمر كله))، فقلت: يا رسول اللَّه أولم تسمع ما قالوا؟ قال رسول اللَّه : ((قد قلت: وعليكم))

ثم قال : ((يا عائشة إن اللَّه رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يُعطي على العُنْف، وما لا يُعطي على ما سواه

وقد حذر النبي من العنف، وعن التشديد على أمته ، فعن عائشة أيضا قالت: سمعت رسول اللَّه يقول في بيتي هذا: ((اللَّهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشقّ عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به) ، وكان إذا أرسل أحداً من أصحابه في بعض أموره أمرهم بالتيسير ونهاهم عن التنفير.

 

وعن أبي موسى قال: كان رسول اللَّه إذا بعث أحداً من أصحابه في بعض أموره قال: ((بشِّرُوا ولا تُنفِّرُوا، ويسِّرُوا ولا تُعسِّرُوا)

وقال لأبي موسى الأشعري ومعاذ حينما بعثهما إلى اليمن: (يسَّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تنفِّرا، وتطاوَعَا ولا تختلِفَا).

اظهر المزيد

صلاح فضل

جاهدنا واجنهدنا لمواصلة مسيرتنا الصحفية عبر (بوابة الشريان) للعام الخامس على التوالي مع اقتراب حلول العام الجديد 2024 حرصا منا على تقديم خدمة صحفية ملتزمة بالدقة والموضوعية فيما طرحناه ونطرحه منذ بداية تحملنا تلك المسؤلية انطلاقتها في 2019 وهذا الالتزام جعلنا أصحاب رؤية صائبة في كل ما قدمناه من خبرات عالية من خلال استقطاب كبار الكتاب والصحفيين المتميزين ممن ساهموا وتعاونوا بحب وتفان دون اي مقابل مادي سوى الحب المتبادل فقط لاغير وهم لا يأ لون جهدا لاستكمال هذه المسيرة واسرة التحرير تقدر جهودهم الجبارة في بلاط صاحبة الجلالة فهنيئا للقراء الأعزاء والجديد في هذه النسخة اضافة (قناة الشريان) تضم حوارات ومنوعات وافراح وما يستجد من فيديوهات مختلفة ومبتكرة
زر الذهاب إلى الأعلى