القمم العربية أقوال بلا أفعال.. قمة البحرين أنموذجا
أعتاد المواطن العربي ومنذ مايقارب ال 75 عاما ومنذ اغتصاب الكيان الصهيوني لفلسطين من حكوماته العربية على عقد القمم العربية في العواصم العربية ولاتخرج من تلك القمم سوى بيان وكلمات التنديد والاستنكار والشجب للكيان الصهيوني على جرائمه التي اقترفها بحق الشعب الفلسطيني وتنتهي كل شيء ولايلمس المواطن العربي من تلك القمم العربية أي أفعال نوعية لايقاف المجازر الصهيونية بحق الشعب العربي الفلسطيني حيث نرى خطابات فهي اقوال وخطب رنانه وهتافات فارغة من الفحوى يلقيها زعماء الدول العربية وملوكها او وزراء الخارجية لهذه الدول ثم ينتهي الامر ويعود القادة الى دولهم ويبقى الشعب العربي الفلسطيني تحت رحمة الصهاينة . أنها قمم سياسية يتبادل فيها الزعماء العرب المديح والثناء، وتبادلوا فيها الملامة والعتاب، ولم تخرج في معظمها عن ردات الفعل ومحاولات حفظ ماء الوجه. وقد امتدت على مدى سبعة عقود، وعقدت في معظم الدول العربية شرقا وغربا، وتنوعت قراراتها وتشابهت بياناتها الختامية، لكن الأقوال طغت على الأفعال.وتمثل قمة المنامة الحالية كسابقاتها في هذا المجال حيث يشعر المواطن العربي بالخذلان نتيجة فشل الدول العربية ودول العالم الكبرى في وقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة رغم مرور أكثر من سبعة شهور على بدء جرائم الصهاينة بحق شعب غزة.. إضافة إلى الأوضاع المأساوية في السودان الذي يعيش أسوأ أيامه على الإطلاق دون أي التفاتة حقيقية من الدول العربية أو من المجتمع الدولي، والمثير في الامر أن السودان يتهم أطرافا عربية بتأجيج الصراع والدفع نحو استمراره. والمشهد السياسي العربي لايخرج من الازمات في أكثر من عاصمة عربية ليس أفضل من ذلك؛ فسوريا ما زالت ساحة صراعات أقليمية ودولية ، والحرب في اليمن لم تصل إلى حل نهائي تعود بموجبه الدولة اليمنية الواحدة، والصراع ما زال قائما بشكل أو بآخر في ليبيا، ولبنان لم تخرج من الازمات السياسية والاقتصادية وحتى الامنية . والمفروض أن قمة المنامة كان يمكن أن تنشغل بالقضايا الكبرى مثل التحولات والثورات التكنولوجية والتهديدات المناخية وخطر الأوبئة والأمن الغذائي في العالم العربي لكن تبدو قمة المنامة مكبلة بالقيود السياسية قبل افتتاحها بالقضايا الأمنية الوجودية وبشكل خاص القضية الفلسطينية والإبادة في غزة الذي تحول إلى ملف عالمي ولا يتوقع أن تقدم قمة المنامة حلا يلبي طموحات العرب في مواجهة الكيان الصهيوني بالقوة العسكرية من خلال تفعيل خيار الردع العربي العسكري للضغط على الاحتلال الصهيوني المسخ وتنتهي بموجبه الحرب، لاسيما أن فلسطين دولة عضو بالجامعة العربية، وما يحدث في غزة الآن حرب على دولة عضو بها، وهي ليست حربا ككل الحروب، وإنما حرب إبادة جماعية، ومجزرة لم تشهد لها البشرية مثيلا في العصر الحديث.نقول ماذا لو تقدمت دولة فلسطين، ورئيسها محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينيةالوطنية، بطلب إلى الجامعة العربية يطلب فيه تفعيل «اتفاقية الدفاع العربي المشترك» التي تم توقيعها عام 1950 بين الدول الأعضاء في الجامعة، والتي تشير إلى أن أي عدوان على أي دولة موقعة على البروتوكول يعتبر عدوانا على بقية الدول، وأي مساس بدولة من الدول الموقعة على البروتوكول يعتبر مساسا صريحا ببقية الدول الموقعة عليه.ويتضمن البند الأول من بنود المعاهدة مواجهة جميع الأخطار المتوقعة، والاعتداءات المسلحة التي تقع على أي دولة من الدول الأعضاء، بالإضافة إلى تقديم المساعدات المختلفة التي يمكن أن تطلبها الدول وقت الحروب، والتنسيق، وإعداد المعلومات، وتقديم المقترحات، وإعداد الخطط العسكرية.ناهيك عن القدرة على بناء خطاب عربي موجه للعالم يملك قوة الضغط والتأثير من أجل اعتراف دولي بفلسطين دولة مستقلة عاصمتها القدس.وصدق قول احد الصحفيين الجزائريين بالقول((الجامعة العربية ماتت وأصبحت جثة هامدة لاأحد يهتم لأمرها عدا المستفيدون من ريعها وامتيازاتها، فوجبت المطالبة بتصفيتها)).
المقال بقلم أ.د.جاسم يونس الحريري بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية