كانت وفاة رسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم نقطة فاصلة بين مرحلتين أو بين تاريخين
قد كانت هذه الوفاة تعبر عن إنتهاء مرحلة النبوة وإيذاناً ببدأ مرحلة جديدة إصطلح على تسميتها بمرحلة أو تاريخ الخلافة الإسلامية .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على ألا يتدخل أو يوصي بالخلافة لأي شخص أو يفرض أحداً من أصحابه كي يخلفه في قيادة دولة الإسلام التي أسسها صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بل ترك الأمر شورى بين جمهور المسلمين .
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى أبعد من ذلك وهو على فراش المرض الأخير الذي رحل عن دنيانا للرفيق الأعلى بعده حرص على ألا يزكي أحداً صحابته الأجلاء الذين شاركوه رحلة الجهاد دفاعاً عن إنتشار الدعوة وبناء الدولة الإسلامية والدفاع عنها ضد من واجهها ويواجهها من الأعداء .
فقد عاش مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جيلاً عظيماً صنع أحداثاً عظيمة تعجز عشرات بل مئات المجلدات على حملها ومن المعلوم سلفاً بأن الإنسان العظيم الذي يعيش مع أناس عاديين ليست لهم قيمة لن يكون له أحداث إنما الرجل العظيم الذي يعيش مع عظماء يتفاعلون معه بصورة إيجابية تامة في كل لحظة من لحظات الحياة يتحركون بحمية يفكرون بجدية يتناقشون بفهم ووعي وإدراك فكل صحابي قصة ضخمة في حد ذاته فأبو بكر الصديق رضي الله عنه على سبيل المثال صنع لنفسه نموذجاً بشرياً نادر المثال وشيد صرح شخصيته العظيمة في ثبات وإقتدار وهو يحتاج إلى عشرات المجلدات لوصف مواقفه مع النبي صلى الله عليه وسلم كذلك خلفاءه صلى الله عليه وسلم الآخرين عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين وكذلك أمهات المؤمنين السيدة عائشة والسيدة حفصة وأم سلمى وباقي المهاجرات والمهاجرين والأنصار رضي الله عنهم أجمعين .
لقد صاغت الأحداث العظيمة التي مرت بهؤلاء الرجال العظام فضلاً عن النبي صلوات الله عليه وسلامه شكلت نقاطاً فاصلة في حيواتهم وهي الأحداث التي تحدث في حياة الناس والتي ينبغي
أن نقف عندها فكلما كان الحدث عظيماً كلما إحتاج إلى دراسة وتحليل ووصف وشرح وتمر
على حياة الناس عشرات السنين دون أن يكون
هناك حدث عظيم يؤثر في مجموع البشر
فالأحداث المؤثرة فقط ومن الممكن أن تعيش
دولة من الدول عشرات السنين دون أن تجد حدثاً ضخماً مؤثراً .
ونحن إذا ما أحصينا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كل هذا الكم الهائل من الوقائع والأحداث فكم سنحتاج من دراسة وتحاليل لهذه الوقائع فالسيرة النبوية الشريفة معين لا ينضب وفي كل زمن ينظر المفكرون إلى هذه السيرة فيستخرجون منها الكثير مع انه قد فكر في هذا الحدث آلاف المحللين والمفكرين قبل ذلك لكن هذا ثراء ملحوظ في السيرة النبوية وهذا ما دعانا للحديث عن هذه الشخصيات العظيمة التي صاغت حياة الأمة وكتبت لها رحلة الحياة التي أقامت دولة متينة الأركان قوية ومنيعة أخرجت شعوباً وقبائل وأمماً كثيرة من الظلمات إلى النور .