كتب: صلاح صيام
نواصل الحديث عن العقاد الذي كان كاتبًا سياسيًا، كتب عدة مقالات في جريدتي “المصري” و”الأخبار”، فلم يكن العقاد أديبًا وشاعرًا كبيرًا فقط، بل كان كذلك صحفيًّا له مقالات رأي مميزة تناول فيها الكثير من القضايا الاجتماعية، والأدبية، والسياسية، ويضم هذا الكتاب المُسمى بـ«الفصول» مقالات العقاد الأولى في الصحف المصرية وقد جمعها فيه، وقال في مقدمتها: إن ما كتبه كان في سبيل الحق والجمال والقوة؛ فالحق هو جوهر الحياة والمقصود الأسمى منها، وقد سعى في مقالاته العلمية والفلسفية إلى تبديد ظلام الجهل بنور الحق، كما رأى أن الجمال هو غاية تطلب لذاتها، فكانت مقالاته في الفن والأدب التماسًا لمواطن الجمال الذي بحياتنا، وكذلك تناول في مقالاته ما يبرز أشكال القوة في الحياة، فالقوة هي سمة هذه الدنيا التي لم تعرف ضعفًا قط.
ويكمن سر عبقرية العقاد في العمل الدائم المستمر والقراءة المنظمة التي ألزم نفسه بها والمعروف أنه لم يكمل تعليمه الرسمي، ومع هذا نجده على ما كان عليه من الشاعرية والعمل المنظم والتأليف والعكوف على العلم والقراءة الواسعة وهذا يدعونا إلي إرشاد النشء إلى القراءة والتعليم الذاتي وعدم الاعتماد على التعليم الرسمي فقط.
الفترة التي نشأ فيها العقاد كانت فترة إحياء جديدة فكانت مصر ترزح تحت الاحتلال الإنجليزي ووجود هذا الاحتلال دفع المصريين إلى العمل الجاد على إنهائه والتمتع بالحرية وهو ما أفرز النهضة الحديثة في القرن العشرين. وشهدت البلاد تقدمًا في جميع المجالات بسبب وجود مشروع قومي وهدف جماعي يسعي الكل لتحقيقه.
وكان العقاد كاتبًا سياسيًا من طراز رفيع، وفي مرحلة من حياته بات هو الكاتب الأول لحزب الوفد، وتم انتخابه عضوًا بمجلس النواب، ومن مواقفه الشهيرة حين أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسؤولة أمام البرلمان قال العقاد “إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه”، وتسببت هذه المقولة في حبس العقاد 9 أشهر في عام 1930 بتهمة العيب في الذات الملكية.
وبعد تلك الواقعة انسحب العقاد من العمل السياسي وبدأ نشاطُه الصحفي يقل واتجه أكثر إلى مجال تأليف الكتب، وهي الفترة التي انتعشت فيها قدرته على الكتابة وبدأ وقتها في تأليف العبقريات وأنجز منها “عبقرية محمد” و”عبقرية عمر” و”عبقرية الإمام”.
ومن أبرز مؤلفات العقاد، العبقريات، مطالعات في الكتب والحياة، مراجعات في الأدب والفنون، جحا الضاحك المضحك، الديوان في النقد والأدب، الحكم المطلق في القرن العشرين، هتلر في الميزان، أفيون الشعوب، فلاسفة الحكم في العصر الحديث، الشيوعية والإسلام، النازية والأديان، ولا شيوعية ولا استعمار.
وتُرجمت بعض كتبه إلى اللغات الأخرى، حيث تُرجم كتابه “الله” إلى الفارسية، ونُقلت عبقرية محمد وعبقرية الإمام علي، وأبو الشهداء إلى الفارسية، والأردية، كما تُرجمت بعض كتبه إلى الألمانية والفرنسية والروسية والإنجليزية.